تجربة حياة

انطلقت حياة هذا المجنون كسائر باقي البشر او بالاحرى جلهم انطلاق طبيعية  ضمن اسرة من الطبقة المتوسط وترعرع بجبال الاطلس من اصول امازيغية تأثرت كثيرا بالطبيعة الخلابة بهذه المنطقة مما  جعلني اتمتع بمخيلة فذة تصنع من كل فكرة افكارا عشت طفولتي وحيدا تعلمت كيف اصنع العابي بنفسي واصدقائي كانو من وحي خيالي عائلتي كانت تتبع مذهب القليل للرب والقليل لعبده كسائر الاسر المغربية لطالما كنت الطفل الموهوب الذي يسبق عمره  ومن بين اهم الاشياء التي ساهمت في هذه الموهبة التي هي الجنون هو حكايات الجدة التي اصبحت شبه غائبة في المجتمع العربي فقد حل محلها التلفاز وافلام الكرتون وهما ليسا البديل المثالي لحكايات الجدة فالاستماع لهذه الحكايات يتيح للطفل فرصة لكي يسرح بخياله بعيدا. في فترة الطفولة يقتدي كل طفل بوالده ومن بين اهم الصفات التي يحبها هذا الذكر في والده القوة البدنية مما يجعل كل طفل يرغب في ان يصبح الاقوى بين ابناء عمره الشيء الذي يخلق المتنمرين ويجعل مجتمعاتنا العربية من بين أكثر المجتمعات عنفا وعندما تكون الشخص الاضعف بدنيا بين اصدقائك مثل حالتي تتولد لديك مشاعر الحقد على الاخرين الشيء الذي يجعلك معزولا ووحيدا في الطفولة .في كل صيف كانت تعود عائلة مغربية مقيمة بفرنسا الى ديارها وكانت لديهم طفلة في مثل سني كانت رفيقة دربي ومعها كسرت حاجز الوحدة 

وبين احضنها مررت للمرحلة الثانية في الحياة الا وهي المراهقة معها تعرفت على الجنس الآخر وتذوقت اول قبلة واخذت اول نفس من السجائر. المراهقة هي اصعب مرحلة في حياة الانسان لانها المرحة الفاصلة بين البراءة والخطيئة. انضممت الى جماعة من المسلمين المتشددين التي تهدف الى هداية جيل المستقبل الى الطريق الصحيح او بالحرى طريق التخلف كانت افكارهم تدعو الى التخلي عن كل من هو غربي والعودة الى طريقة عيش الرسول عندها بدأت اتخبط فكريا بين عيش الملذات وبين العودة الى القرن السادس ميلادي عشت فتراة من قيام الليل والدعاء وطلب الله تحقيق احلامي الى ادركت ان احلامي لا تتحقق وان أماني تذهب مذهب الريح فتوقفت عن ذالك الى ان قابلت شخصا غير مجرى حياتي وعلمني ان الاماني لا تتحقق الى بالعمل وحببني في العلوم والتفكير المنطقي وتركني اعيش تجربتي ادركت حينها اننا اذا عدنا الى زمن الرسول  سنبقى وحيدين ولن نستطيع ارجاع سائر البشر معنا وادركت ان الساعة لا تمشي الا في اتجاه واحد

الى ان جائت ليلت شتوية باردة  جعلت فيها الثلوج الارض بيضاء ثم ذهبت الغيوم بعيدا لتجعل من السماء لوحة لا يستطيع اكثر الفنانين رسم لوحة بنصف جمالها كانت ليلة الميلاد المجيد حملت كتاب الله المقدس وجلست قرب النافذة وبدأت أقرأ ما في السطور لأجد  ان جل ما فيه ما هو الا  احدا الحكايات الخرافية التي  لم تروها جدتي الفرق بين حكاياته وحكايات جدتي ان لغته كانت اكثر تعقيدا مما جعل فهمه ليس بالبسيط دخلت في فترة حيرة فكرية مماجعلني ابحث عن الموضوع علميا لأنني لا اصدق الا ما يقوله العلم ليصدمني ما وجدت فكل ما فيه ليس سوى هرطقات شخص عاقل. لم تدم فترة حيرتي طويلا تخليت عن هذا الكتاب وصاحبه مثلما تخلت عني صديقة الطفولة  لابحث عن بديل له. لم اجد ما هو افضل منه او اصح منه الا قنينة الخمر فهي الشيء الوحيد الذي يملأ الروح عشت بقية هذه الرحلة عاشقا لليل محبا للجنس كارها للأوامر اتخبط بين الازقة ليلا كمصاص دماء في احد الافلام الاجنبية ابحث عن ضحية الشيء الوحيد الذي كان يردعني ويجعلني اعود لحياة النهار هي رؤية الاشخاص الذين اتخذو من الشارع بيوتا لهم وما أكثرهم في بلدننا مما جعلني أفكر في السبب الذي يجعل البعض يعيشون في نعيم بينما يقبع الباقي في جحيم وفي معنى الانسانية  الامر الذي لم الى ادركه الا عند بداية شبابي 

الانسانية هي اسمى شيء وصلنا الى ادراكه ونحن نعتبر انفسنا من اسمى المخلوقات ولكننا في الحقيقة لم نصل بعد الى هذا المفهوم.كل ما تطور فين هو انطلاق شيء جديد داخل عقولنا يعرف بالضمير وهو سبب جنوني. فالحيوانات تستطيع اكل بعضها البعض واغتصاب بعضها البعض وتنام بالليل دون اي عواقب بينما نحن فنرتكب ما نرتكبه ويجعلنا الضمير ساهرين الى الساعات الاولى من الصباح مما يحثنا على عدم ارتكاب الفعل مرة ثانية ولكننا لا نزال نحتفظ ببعض الغرائز التي تجعلنا نبحث عن الافضلية نرغب دائما ان نكون الافضل ونفرح عندما يثني علينا الآخر ورغم ان بعض الدول تملك ما يجعلها تقضي على المجاعة في العالم الا انها تستهلك ما تستهلكه وتفسد الباقي او تستخدمه في اشياء سخيفة لماذا؟لانها تحتاج للبديل لقاء منتوجتها الشيء الذي تفتقد اليه الدول الفقيرة كل فرد منا يحتاج الى شيء يجعله بارزا امام المجتمع وان لم يجده ييصبح العنف هو البديل الامثل لهذا نجد الجريمة تتفشى في مجتمعاتنا لقد ادركت الان وفقط وانا في بداية شبابي اننا لا نزال نحتفظ بالكثير من صفات اجدادنا الحيوانات ولن نصل الى الانسانية الى بعد التخلي عن هذه الصفات السائد الان والبديل هو اشباع الغرائز الشيء الصعب عندنا نحن العرب فعندما نشبع هذه الغرائز نصل الى الانسانية وان لم نستطع تستيقظ فينا صفات الحوانات